موقع شباب وان موقع شبابي منبثق من المبادرة الشبابية عزتنا في مصريتنا يقدم خدمة اخبارية شاملة في جميع المجالات والمجتمع المدني

حرب تكسير العظام والإقتصاد

0 72

بقلم / عبدالله ايوب
( الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا) .
تقول إحدى الحكم الصوفية ( انت تنظر ولكنك لا ترى ) ، وهذا لأن النظر غير الرؤية ، الرؤية أعمق تحتاج لوعى و معرفة بالظاهر والباطن ومعرفة الكل والجزء ،و لتحليل شىء ومعرفة حقيقته هي عملية تحتاج مع العلم البصيرة ، لأن العلم بالطبع أهم أساس ولكن لا يكفى وحدة ، وهذا مثلا ما دفع مكلة إنجلترا إلى الذهاب بعد حدوث الأزمة المالية العالمية في 2008 إلى زيارة كلية لندن للإقتصاد ” LSE” وسألت الأساتذة ( لماذا لم يتوقع أي منكم قدوم الأزمة؟) كان السؤال نوعا من الصفعة في وجههم إذا إن عدد غير قليل منهم يحمل جائزة نوبل في الإقتصاد ، وأعتقد أن هذا يرجع إلي تجاهل البساطة في التحليل والاعتماد الكلي علي الرياضيات فقط ، وخلط الرفاهية بالإقتصاد القائم علي أسس سليمة، من إستغلال الموارد الكاملة بأفضل طريقة ممكنة مع إمكانية تحقيق وتوفير ما يمكن الدول من تحقيق أكبر قدر من الإكتفاء الذاتى مع تنمية معتمدة علي الإنتاج والتصنيع و العمل الحقيقي. ولهذا نجد أن هناك فرق بين قياس الدول بثروتها المادية فقط و قياسها في جميع المجالات الأخرى من تعليم وصناعة وتقدم وتجارة وتنمية و أمتلاك ما يجعلك تسود غيرك . وهذا هو الفارق بين أمريكا والصين وروسيا ، ففي مقارنه بسيطه بين أمريكا والصين وروسيا نجد الاتى ، في عام 2022 دفع (غولدمان ساكس ) الي تعديل توقعات سابقة له ، إلى أن الصين لن تلحق بأمريكا ، من حيث الناتج المحلي الإجمالي ، إلا بعد عام 2035 وهذا تحت ظروف معينة سنأتي عليها بعد قليل ، وأن أقصى ما يمكن تبلغ بحلول منتصف القرن الحالي هو تجاوز 15٪ فقط . بينما ترى مؤسسة ( كابيتول إيكونوميكس) أن حجمه أي الصيني لن يتجوز 90٪ من الإقتصاد الأمريكي الكلى بحلول 2035. كل هذه المقارنات والتنبؤات تصير عديمة الفائدة ، إن لم تنظر بعمق الي الأوضاع الحقيقة القائمة .
بالفعل الأقتصاد الصيني هو الثاني عالميا ولكن انظر مثلا الي الفرق بين الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا الذي يبلغ ما يقارب 25 ترليون دولار والصيني الذي يبلغ 17.73 ترليون دولار ، مع عدد سكان لأمريكا 332 مليون نسمة والصين مليار و 425 مليون نسمة. لذلك نجد أن المستوي المعيشي للصيني يعادل 50٪ من المستوى المعيشي الأمريكي ، وقد ينخفض أدنى من ذلك إن واصل الإقتصاد الصيني تباطؤه . وتشير الدراسات والتوقعات إلي أن أسباب تباطؤ النمو الإقتصادى الصيني كثيرة ،منها العقوبات الأمريكية عليها وعلي حلفائها مثلا روسيا مثلا ومن أهم هذه العقوبات التي قد تدفع الصين للتراجع الكبير حرمنها من التكنولوجيا الحديثة ، خصوصاً أنواع الموصلات ومايكروتسيبس المتطورة وأجهزة تصنعيها التى تمتلكها هولندا ، حيث أن هذه اشباه الموصلات تدخل في أغلب الصناعات الحديثة من صناعة السيارات الي الكمبيوتر والموبايل وصواريخ الفضاء ، والتى يرى جزء كبير من الخبراء بأنها سوف تسبب في تدني الناتج المحلي الإجمالي للصين ، ثاني شئ هو تراجع عدد الأيدي العاملة الماهرة في الصين ، إذ أن غالبية السكان الحالية صاروا علي وشك أن يصبحوا مسنين مع قلة الأطفال و الانجاب بسبب سياسة تنظيم النسل والطفل الواحد التى اتخذتها من قبل ، مما يدفع موارد الدولة أن تذهب إلي رعاية المسنين ،بدل أن تستخدمها في الاستثمار أو مجالات تدريب الشباب وتوفير وظائف لهم . أما إذا أردت أن ترجع الصين لمعدلات تنمية مرتفعة كما كانت عليها الحفاظ على ثلاثة أشياء ، أولهم أن تعالج مشكلة الشيخوخة الحادثة بسرعة كبيرة وقلة الانجاب ، ثانيا أن يظل الحزب الشيوعى علي سدة الحكم لأن ذلك سينعكس على العملية التنموية . ثالثا أن تبقي المنطقة المحيطة بالبلاد مستقرة ، وأن لا تنشب نزعات عسكرية سواء شبة الجزيرة الكورية أو مضيق تايوان أو أي جزء من بحر الصين الجنوبي ، مع العلم أن أمريكا بدأت تطويق الصين من أكثر من اتجاة بخطة شاملة لاحتواء الصين وتحجيمها. ومن هنا أحب أن أوضح الفروق بين الاقتصادات الثلاثة من حيث القوة فمن حيث مقياس القوة الإقتصادية الكلية فالإقتصاد الأمريكي متفوق علي الصين من حيث الناتج المحلي ، وإجمالي الاحتياطي النقدي و الإستثمار الأجنبي المباشر و التركيبة السكانية والواردات والصادرات والتعليم والأيدي الماهرة والطاقة وتحتل الويلات المتحدة الأمريكية رقم واحد عالميا في الزراعه غير أنها تتحكم في الكثير من الصناعات الاستراتيجية وتتفوق عليها عسكريا أيضاً ، أما روسيا لا تقارن حتى بولاية واحده من الولايات المتحدة الأمريكية حيث يكفي أن تعلم أن إقتصاديا هي أصغر من نصف اقتصاد كاليفورنيا حيث أن اقتصاد كاليفورنيا يقدر بنحو 3.1 ترليون دولار ، أما اقتصاد روسيا كاملاً يبلغ 1.7 ترليون دولار حيث أنها تعتمد علي الغاز والبترول والأسلحة ولا تصنع شئ ، وهي بالتأكيد ستشهد تراجع كبير بعد الحرب الأوكرانية والعقوبات الأمريكية التي طالت كل شىء فيها وستظهر هذه النتائج في الأعوام القادمة. ختاما عزيزى القارئ لا تنخدع بكل ما تسمع وترى فأعادة تشكيل العالم الجديد المرغوب الذي يروج له مازالت في مرحلة مخاض الولادة لم يولد بعد ومازلت أمريكا بيدها خيوط اللعبة وتعمل حاليا علي تقوية نفسها أكثر داخليا دافع العالم كلة للضعف .

Leave A Reply

Your email address will not be published.