موقع شباب وان موقع شبابي منبثق من المبادرة الشبابية عزتنا في مصريتنا يقدم خدمة اخبارية شاملة في جميع المجالات والمجتمع المدني

قصة قصيرة : الكنز

0 218

“دا أنا حاسس بيها تحت إيدي يا جدع” يرددها مرارًا بعبارات تملؤها الحماسة والإندفاع أحيانا وهو ينظر مباشرة في عينيه، يكاد تنفذ منهما إلى عقله حتى يقنعه بهذه الفكرة التي تسيطر عليه وقد إصطحبه صديقه ليأخذ رأيه في بنايته الجديدة في طرف قريته القريبة من ظفاف نيل مدينة الأقصر.

مازال مشدودًا لهذا الحماس الشديد و التصميم في عينيي صديقه وكأنه شررًأ يتطاير منهما، فيغيب لحظات ليسرح بخياله في هذا الأمر الذي لم يؤمن به يومًا ولكن لطالما رويت عنه الحكايات ونسجت منه الخيالات والأوهام جريًأ وراء التربح السريع و الغناء الفاحش ومازال يتلمس خطوط الضوء اللامعة حتى تبلعه صورة هذا الحلم البعيد.

يفيق من سهوته على صوت صديقه وهزة عنيفة لكتفه الأيسر “سامعني والا لا؟؟” فيلتفت إليه بسرعة و هو يهز رأسه بالموافقة ولكنه مازالت عيناه عالقتان في مساحةٍ من التمني والرغبة التي تنازلها غريزة الحلال والحرام في هذا الأمر.
ومازال صديقه يتلمس بكفه الحائط القبلي من منزله الجديد ، فتكاد كفه تقدح نار من الطوب الأحمر أو يتفجر الماء من تحت الجدار من فرط إيمانه بما يقول وإمعانه في إقناع صديق عمره بهذا الأمر وهو ينظر إليه في دهشة، مشدوهًا مما يقول “على بعد مترين بس تحت الجدار ده، حاسس بيها يا جدع” وهو يمد يده ليتناول فأس قريبة ليبدأ الحفر في سرعة و همة كأنه يريد أن يسكت هذا الصوت لالحاح صديقه.
وكلم ازدادت الحفرة عمقًا خيل له بالفأس تصادم جسم معدني أو صخرة، من وهم كلمات صديقه التي يملأوها اليقين ” سامع الصوت مش قولتلك دا خلاص المدخل شايفه بعيني” فيزيد من همته في الحفر لينتهي من هذا الأمر وكلما حفر لا يظهر أي شيء غريب فقد حفر هذا الموقع بنفسه ولم ير ما ينبيء بأي شيء من هذا، فترى الفأس تهوي على الأرض وصوت ارتطامها يعلوا ويتسارع وكأنه يريد أن يخرص كل الأصوات التي ترتد في نفوخه كالصدى، يتجاوز أساسات المنزل لتصبح الفأس بلا صوت إلا من ضربها للطين وهو ينظر إلى صديقه وكأنه يلومه على كل هذا التعب ” فين يا سيدي اديني حفرت ٣ متر “.
تزيغوعيني صديقه وكأنه يتحسس شيئا غير مرئي وبلا كلام يشير إلى يمين الحفرة، لينهال عليها بالفأس وكأنه ينتقم من ردوخه لهذا الوسواس وإتباعه لهذا الهراء ومازال صديقه منتصب القامة يشير بيده ويحثه على الإستمرار “همتك يا أبو حميد الجن حركها لليمن شويه” فيميل بفأسه وهو يميل برأسه يلوم نفسه على ما هو فيه ولا يستطيع التوقف .
تصتدم الفأس بقاعدة إسمنتيه فتهوي عارضة خشبية على رأس صديقه لترديه في الحفرة العميقة، فيرمي الفأس من يده ليلتقط رأس صديقة بين يديه ومازال صديقه ينبس له بكلمات بصوت منخفض يسمعها بالكاد ” الجن إبن الكلب مستخصر المقبرة فينا، لازم نحيب شيخ ” وهو ينظر إليه منفطر القلب وعيناه تزرفان أولى دمعات الفراق والحسرة.

Leave A Reply

Your email address will not be published.